المرجعيات


لقد أبانت الحضارات الإنسانية على أن الإنسان لابد أن يسمو بفكره وأفعاله داخل المجتمع حتى ترتقي الدولة نحو مصاف التقدم. فكرست مجموعة من المبادئ الأخلاقية التي تحكم ممارسة المهن؛ أبرزها الإقدام على الخير وفعله، وحفظ الأسرار المهنية واحترام الواجبات وتقديمها على الحقوق. والتصرف بما يتفق مع الأعراف الاجتماعية، والمعتقدات الدينية، والقانون. فالأخلاقيات مجموعة من المفاهيم والمبادئ التي ترشدنا في تحديد أي السلوكيات تساعد الكائنات الحية

المراجع الفلسفية

يعتبر الفيلسوف سقراط أحد أوائل الفلاسفة الإغريق الذين شجعوا كلًا من العلماء وعامة الناس على تحويل انتباههم من العالم الخارجي إلى وضع الإنسان. من هذا المنظور، إذ كانت المعرفة التي تؤثر على حياة الإنسان في المرتبة الأولى، بينما كانت جميع المعارف الأخرى ثانوية. واعتُبرت معرفة الذات ضرورية للنجاح وهي بطبيعتها فضيلةٌ أساسية. فالشخص المدرك لذاته يتصرّف في حدود إمكاناته لأقصى حدّ حتى يصل إلى ذروتها، وبالتالي سيكون سعيدًا.

المرجع الديني

لكن ما يجب استخلاصه مما ذكر من أفكار فلسفية علمية قُدمت خلال مراحل زمنية مُترابطة. اتفق فيها الجميع أن المهن تحتاج في ممارستها إلى أطر أخلاقية تنظمها؛ وهذا ما بَيَّنَتهُ وأقرته الأديان السماوية في تشريعاتها للمعاملات الإنسانية. وتعد الأديان السماوية من أهم مصادر الأخلاقيات، وقد أكدت السنة النبوية الشريفة وفصلت ما ورد في القرآن الكريم، وهي مصدر الثقافة العربية الإسلامية حيث كان العرب والمسلمون قد أدركوا في كتبهم أهمية المبادئ والأسس الأخلاقية التي تقوم عليها المهنة، ومصدر التشريعات والقوانين والأنظمة، إذ تعد التشريعات والقوانين والأنظمة المعمول بها من المصادر الأخلاقية فهي تحدد الواجبات الأساسية المطلوب التقيد بها وتنفيذها.

ودعا الإسلام إلى السعي في الأرض وإدراك قيمة العمل، أراد منهم أن يكونوا بُناة حضارة ودعاة واعين ومخلصين لفقه الحياة الّذي يبني ولا يهدم، ويعمِّر ولا يدمّر، ويتكامل مع الكون والنّاس ولا يتصادم، بل جعل الغاية من العمل هي نفع النّاس والتّعايش مع الآخر.

تطور الحضارات

مع التطور الحاصل في العالم منذ بداية التحول نحو الدولة الحديثة عرف جدل فلسفي في وظيفة الجامعة منذ أواخر القرن التاسع عشر(ق19)؛ إذ أصبحت تعني بالمعرفة والثقافة لذاتها ثم انتقلت إلى التركيز على إعداد الطلاب وتدريبهم على المهن التي يحتاجها المجتمع في نهضته الصناعية. وتوجهت الحكومات ومؤسسات القطاع الخاص إلى الجامعات لتوفير احتياجاتها من الأيدي العاملة المتخصصة. وفي مطلع القرن العشرين(ق20)تم التركيز في الوسط الأكاديمي على نشر الثقافة العامة بين الطلبة وتشكيل شخصية الطالب أخلاقيًا وفكريًا.

لقد لاَقت فكرة التعليم في الستينات والسبعينات من القرن العشرين رواجا كبيرًا في الأوساط الاقتصادية والسياسية بوصفه استثمارا كبيرا لرأس المال البشري، وأخذت الحكومات في جميع بلدات العالم تُنفق بِسَخاء على قطاعات التعليم المختلفة، واتجهت الأنظار بشكل أكبر إلى التعليم العالي بأشكاله وأنماطه المختلفة سواء التقليدية منها أو غير التقليدية، وازدادت أعداد الطلاب بشكل كبير جدًا وتضاعفت ميزانية الجامعات وأصبحت الجامعات مُطالبة أكثر من أي وقت مضى بالاستجابة لاحتياجات وطموحات الدارسين المهنية والوظيفية من ناحية وتلبية مُتطلبات مُجتمعاتها التنموية المختلفة من ناحية أخرى. ما أدى إلى إحداث تغيرات كبيرة على مُستوى الجامعات من حيث التخصصات والقوانين المنظمة لها لمواكبة التطورات التي أحدثتها العولمة.

المرجع المؤسسي

إن لِكل مهنة قيماً وأخلاقاً، لا يَستقيم حَالُ المهنة إلا بها وتَفقدُ المهنة شَرفها واحترامها إذا اختفت هذه الأخلاقيات، وقَل الملتزمون بها. لذا تم تَسطير مجموعة من القوانين واللوائح المنظمة لها عبر مراحل تطور المؤسسات الجامعية في العالم للحفاظ على قِيمَتها ودورها في بناء المجتمعات. وهذا ما أسس لنظام قيمي ركز على عملية البناء الفكري-العلمي للعناصر المكونة للجامعة.